تعدّ مسألة توفير الطاقة بالمنزل في دولة الإمارات العربية المتحدة، من أكثر التحديات التي تواجهها مشاريع التنمية المستدامة والمدن الذكية، خصوصاً مع انطلاق استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء عام 2012 تحت شعار “اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة”، في مبادرة وطنية بعيدة المدى، تهدف إلى بناء مجتمعات ذكية تسهل حياة المقيمين في حاضرنا، دون أن تضر بمستقبل الأجيال القادمة.
ومع دخول فصل الصيف، يزداد الطلب على الطاقة بزيادة استهلاك الماء ومكيفات التبريد والثلاجات نظراً لتضاعف درجات الحرارة العالية ووصولها إلى أقصى قيمها خلال السنة، لذا يصبح من الضروري جدّاً الترشيد باستهلاك الطاقة داخل المنزل، والوصول بها إلى مقدار الاستهلاك المعقول، وهذا الأمر لا يعدّ مفيداً فقط للبيئة، بل يساهم أيضاً في توفير فواتير الكهرباء.
وفي هذا المقال، نحاول تقديم أفضل وأسهل طرق توفير الطاقة بالمنزل في الإمارات، ونعتقد أن هذه الطرق غالباً ستكون مفيدة إلى حد كبير حتى للمقيمين في دول أخرى قد لا تكون مهتمة بالضرورة بمبدأ الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة كما هو معنا هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
5 طرق لتوفير الطاقة في المنزل:
1. تجنب ساعات الذروة النهارية:
تصل درجات الحرارة في النهار إلى ذروتها من فترة الضحى حتى غروب الشمس، ويزداد الطلب على الطاقة أثناء هذه الفترة فتصل معدلات أقصى استهلاك لها بين الساعة 12 ظهراً وحتى الساعة 6 مساءً، لذا من المفيد جدّاً للمستهلك أن يخفض من استعماله للأجهزة غير الأساسية، وهذا يشمل إطفاء الأجهزة غير المستعملة، كالسخان والكمبيوتر والتلفاز، أو إطفاء مصابيح الإضاءة والاعتماد على ضوء النهار ما أمكن ذلك.
إضافة إلى ما ذُكر، يُنصح باستعمال الأجهزة الضرورية كالمكاوي وغسالات الصحون والملابس قبل أو بعد ساعات الذروة، هذا من شأنه أن يساعد على ضمان عدم استخدام الوقود الإضافي لتوليد المزيد من الطاقة خلال ساعات ذروة التحميل.
2. التحقق من فتحات المنزل:
يغفل كثير من الناس عن وجود بعض الثغرات التي قد تكون ناتجة عن تشطيب رديء للأبواب والنوافذ، سواء في هياكلها أو إطاراتها، لذا يُنصح بتتبع أبواب المنزل ونوافذه وإغلاق الثغرات إن وجدت باستخدام شرائط منع تسرب الهواء.
يُنصح أيضاً باستخدام طلاء عازل للحرارة للمنزل، واستخدام أنظمة التحكم المتقدمة في تظليل النوافذ، وتوفير العزل الحراري للنوافذ. كل هذه الإجراءات من شأنها مساعدة أجهزة التكييف على أداء عملها على الوجه الأمثل وبكفاءتها التامة، مما يساهم بشكل واضح في توفير الطاقة بالمنزل، والمحافظة على ترشيد الاستهلاك.
3. العناية باقتناء أجهزة ومعدات ذكية صديقة للبيئة:
أولى خطوات توفير الطاقة بالمنزل هي لحظة اختيار المنتج الكهربائي المناسب، كثير من الأجهزة الكهربائية تؤدي عملها بكفاءة لا تقل عن أخرى تستهلك مقداراً أكبر من الطاقة لأداء نفس العمل، كمصابيح الإضاءة والسخانات وأجهزة التكييف وبعض أنظمة غسالات الصحون وغسالات الملابس وغيرها.
احرص على اقتناء أجهزة بها ثيرموستات (منظم حرارة) ومؤقت زمني يحول دون تبديد الطاقة في حال نسيان الجهاز متصلاً بالمقبس أو في حال عدم التواجد بالمنزل.
يمكن أيضاً التوفير في الطاقة بنسبة تصل إلى 80% بإعادة تأهيل أو استبدال أجهزة الإنارة بأخرى صديقة للبيئة كمصابيح الليد الاقتصادية.
الأمر يتعدى اختيار الأجهزة الكهربائية ليشمل تركيبات صنابير المياه ذات التدفق المنخفض أو ذات الحساسات، معظم منظمات تدفق المياه فيها تكون هوائية، أي أنها تخلط بين الهواء والمياه، فتحافظ على الضغط وتقلل استهلاك المياه، بالتالي تقلل من استهلاك الكهرباء اللازمة لتوفير المياه، ويمكن تركيب هذه المنظمات على صنبور المياه، كما يمكن تركيبها مباشرة في أنابيب إمداد المياه. تتوفر في السوق الإماراتي حالياً منظمات تدفق المياه ذات التدفق المنخفض، إذ يصل إلى 2 لتر في الدقيقة. يمكن أيضاً إضافة بعض المواد الكيميائية لسائل التبريد بالمكيفات التي من شأنها تقليل استهلاك الطاقة مع المحافظة على كفاءة التبريد.
4. استخدام الأجهزة الكهربائية بحكمة:
إن استخدام الأجهزة الكهربائية بكفاءة يساهم إلى حد كبير في توفير الطاقة بالمنزل وتجنب تبديدها بلا طائل، كضبط مكيفات الهواء على درجة 24 أو 25 درجة مئوية، إذ تعمل مكيفات التبريد بأقصى كفاءتها مع استهلاك معتدل للطاقة عند درجة الحرارة هذه أكثر مما تفعل عند خفض درجة الحرارة عن هذه القيمة، مع الحرص على تنظيف مرشحات الهواء (الفلتر) بصورة دورية.
كذلك عند استخدام الفرن الكهربائي، يُنصح بتجنب فتح وإغلاق الفرن أثناء عملية الطهي لما يحدثه هذا التصرف من إهدار للطاقة الحرارية ومن ثم للطاقة الكهربائية التي يستهلكها الفرن. والأمر ينطبق على الثلاجة، إذ أن كثرة فتحها وتركها مفتوحة يسبب في دخول الهواء الساخن وخروج البارد مما يدفع الثلاجة إلى استهلاك المزيد من الطاقة لإعادة التبريد.
يمكنك أيضاً توفير الطاقة باستخدام بعض الأجهزة بحكمة، كأن تملأ الغلاية الكهربائية بالقدر الذي تحتاجه فقط، وألا تشغل الغسالات سواء غسالة الملابس أو الأواني إلا بعد تأكدك من امتلائها.
علاوة على كل ما ذُكر، يُنصح بالتخلص السليم من الأجهزة القديمة التي تعاني مشكلات في كفاءتها غير قابلة للإصلاح، فهي تستهلك طاقة أكثر مما كانت تفعل وهي جديدة. قد يبدو التخلص منها واقتناء أجهزة جديدة أمراً مكلفاً يتنافى مع مبدأ توفير المال، ولكنه في الواقع يوفر على المدى الطويل، والمال الذي ستضعه في شراء جهاز جديد سيكون أقل من المال الذي تدفعه في الفاتورة بسبب استهلاك جهاز قديم.
5. إعداد حدائق صديقة للبيئة:
من الجميل جدا أن يحرص الناس على الاهتمام بالزراعة المنزلية، فالحدائق المنزلية واحدة من صور المنازل الصديقة للبيئة وهو ما تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على ترسيخه في ثقافة المجتمع بالمشاريع المدنية الحديثة والتي تعتمد بشكل تام على مبدأ الاستدامة.
غير أن عملية الاهتمام بالحدائق، ولكي تحقق الهدف من الاستدامة، ينبغي أن توازن بين نضارة الحديقة أو المزرعة الصغيرة، وبين كمية المياه المستهلكة للعناية بها والحفاظ عليها، إذ ترتبط كمية استهلاك المياه بشكل مباشر باستهلاك الطاقة الكهربائية، فإذا وفرت في استهلاك الماء، تكون قد وفرت في فاتورتين: فاتورة الماء والكهرباء معًا، صفقة رابحة أليست كذلك!؟
يُنصح باختيار نباتات تتحمل العطش وتحتاج إلى كميات قليلة من الماء، يمكنك أيضاً ريّ المزروعات في الصباح الباكر قبل اشتداد الحر، أو مساءً، كي تمتص التربة المياه بشكل مثالي قبل تبخّرها نتيجة الحرارة. كما يُنصح بكنس ممرات الحديقة والردهة بدلاً من تنظيفها بخرطوم المياه.
علاوة على كل ما ذُكر، فإن الحدائق بحاجة إلى إضاءة، وخيار استخدام مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية سيكون الخيار الأمثل.
ختاماً..
ينطلق مبدأ توفير الطاقة من المنزل باعتباره الخلية الأساسية والوحدة الرئيسية التي يمارس فيها الناس نشاطاتهم الاعتيادية اليومية، ينطلقون منها ويعودون إليها. ومتى ما توفر الوعي الكافي بتوفير الطاقة في المنزل وضرورته انتقل هذا الوعي إلى كافة مجالات العمل والدراسة والأنشطة الإنسانية الأخرى، لذا فمن الضروري أن ينقل صاحب البيت خبرته ووعيه هذا إلى أبنائه، فالحفاظ على الطاقة مسؤولية جماعية.