ممارسات الزراعة الحضرية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة

تم إعلان عام 2023 عام الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بهدف تعزيز التنمية المستدامة وحماية البيئة، وأحد أوجه المبادرات التي تعنى بحماية البيئة هي التشجيع على زراعة الحدائق والثمار في المناطق الحضرية فيما يُعرف بالزراعة المستدامة.

الزراعة الحضرية المستدامة هي ممارسة تتضمن زراعة النباتات والفواكه والخضروات في المناطق الحضرية باستخدام تقنيات صديقة للبيئة. كما أنها طريقة لسكان الحضر للتواصل مع الطبيعة وتعزيز الحياة المستدامة. يعرض هذا المقال فوائد الزراعة الحضرية المستدامة، والتحديات التي يواجهها البستانيون في المناطق الحضرية، وبعض النصائح لبدء حديقة حضرية مستدامة.

أولاً: فوائد الزراعة الحضرية المستدامة في دولة الإمارات

من أعظم فوائد الزراعة الحضرية المستدامة أنها تعزز الأمن الغذائي. من خلال زراعة طعامهم، يمكن أن يقلل البستانيون الحضريون من اعتمادهم على محلات السوبرماركت ويضمنوا حصولهم على المنتجات الطازجة والصحية. هذا مهم بشكل خاص في المناطق التي يكون فيها الوصول إلى المنتجات الطازجة محدوداً، مثل الصحاري الغذائية. تعمل الزراعة الحضرية المستدامة أيضاً على تعزيز التنوع البيولوجي وتساعد على إنشاء مساحات خضراء، والتي يمكن أن تحسن جودة الهواء وتقلل من تأثير الجزر الحرارية الحضرية.

فيما يلي بعض فوائد الزراعة الحضرية المستدامة بتفصيل أكثر:

1. تحسين الوصول إلى طعام طازج وصحي: يمكن أن توفر الزراعة الحضرية المستدامة للناس إمكانية الوصول إلى المنتجات العضوية الطازجة التي قد لا يتمكنون من شرائها أو العثور عليها في متاجر البقالة المحلية الخاصة بهم.

2. تقليل البصمة الكربونية: تقلل زراعة الغذاء محلياً من كمية النقل المطلوبة لنقل الغذاء من المزارع إلى المدن، مما يقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ويساعد في مكافحة تغير المناخ.

3. تحسين جودة الهواء: تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون والملوثات الأخرى من الهواء، مما يحسن جودة الهواء في المناطق الحضرية.

4. زيادة التنوع البيولوجي: يمكن أن توفر المزارع الحضرية مآوي للنحل والفراشات والملقحات الأخرى، والتي يمكن أن تساعد بدورها في دعم النظم البيئية المحلية.

5. بناء المجتمع: يمكن للمزارع الحضرية أن تجمع الناس معاً وتعزز الشعور بالانتماء للمجتمع، حيث يعمل الناس معاً لزراعة وحصاد الطعام.

ثانياً: تحديات الزراعة الحضرية المستدامة:

إن الزراعة الحضرية المستدامة لا تخلو من التحديات؛ إذ غالباً ما يواجه المزارعون في المناطق الحضرية مساحات محدودة، ونوعية تربة رديئة، ونقص في ضوء الشمس. تتطلب هذه التحديات حلولاً إبداعية، مثل استخدام أحواض الحدائق المرتفعة، وحاويات الزراعة، والتسميد لتحسين جودة التربة. قد يحتاج المزارعون الحضريون أيضاً استخدام طرق مكافحة الآفات العضوية لتجنب استخدام المواد الكيميائية الضارة. وأبرز هذه التحديات:

1. المساحات المحدودة: قد يكون لدى المزارعين في المناطق الحضرية مساحة محدودة للعمل بها، مما قد يجعل من الصعب زراعة أنواع معينة من المحاصيل أو زراعة ما يكفي من الغذاء لتلبية احتياجاتهم.

2. جودة التربة: قد تكون التربة الحضرية ملوثة بالملوثات، مما يجعل من الصعب زراعة نباتات صحية. قد يحتاج المزارعون إلى اختبار تربتهم وتعديلها بالمواد العضوية لتحسين جودتها.

3. توافر المياه: قد لا يتمكن المزارعون الحضريون من الوصول إلى مصدر موثوق للمياه لنباتاتهم، مما يجعل الحفاظ على ترطيبها أمراً صعباً.

4. مكافحة الآفات والأمراض: قد تكون المزارع الحضرية أكثر عرضة للآفات والأمراض بسبب قربها من النباتات والمباني الأخرى، فيحتاج المزارعون إلى استخدام طرق مكافحة الآفات والأمراض العضوية لحماية محاصيلهم.

5. ضوء الشمس المحدود: قد تكون المزارع الحضرية مظللة بالمباني أو الهياكل الأخرى، مما قد يحد من كمية ضوء الشمس التي تتلقاها النباتات. لذا يحتاج المزارعون إلى اختيار المحاصيل المناسبة تماماً للظل الجزئي أو الاستثمار في الإضاءة الاصطناعية لتكملة الضوء الطبيعي.

ثالثاً: نصائح وتقنيات للمساعدة على الزراعة الحضرية

وعلى الرغم من هذه التحديات، ثمّة العديد من النصائح والتقنيات التي يمكن أن يستخدمها المزارعون الحضريون لبدء مزرعة ناجحة والمحافظة عليها. تتمثل إحدى الإستراتيجيات الرئيسية في اختيار النباتات المناسبة للمساحة والظروف المتاحة. قد يتضمن ذلك اختيار نباتات مناسبة تماماً لحاويات الزراعة أو اختيار أصناف تزدهر في ظروف الإضاءة المنخفضة.

تتمثل الإستراتيجية المهمة الأخرى في استخدام ممارسات الزراعة المستدامة، مثل التسميد واستخدام طرق مكافحة الآفات الطبيعية. يمكن أن يساعد التسميد في تحسين جودة التربة وتقليل النفايات، بينما يمكن أن تساعد طرق مكافحة الآفات الطبيعية، مثل استخدام الحشرات المفيدة، في تجنب استخدام المواد الكيميائية الضارة.

وكما ذكرنا؛ يمكن أن تكون الزراعة الحضرية المستدامة صعبة؛ ولكن هناك العديد من النصائح والتقنيات التي يمكن أن تساعد في إنجاحها. وإليك بعض النصائح العملية لمساعدتك على البدء:

1. ابدأ صغيراً: إذا كنت جديداً في الزراعة الحضرية، فابدأ بقطعة أرض صغيرة أو أحواض مخصصة للزراعة (انظر رقم 7)، سيساعدك هذا على تعلم أساسيات الزراعة وتجنب الإرهاق.

2. اختر المحاصيل المناسبة: اختر النباتات المناسبة لمناخك وظروف النمو فيه. ضع في اعتبارك زراعة المحاصيل عالية الغلة والتي يسهل العناية بها، مثل الخضروات الورقية والأعشاب والطماطم.

3. استخدام الزراعة المصاحبة: تتضمن الزراعة المصاحبة زراعة محاصيل مختلفة معاً تكمل بعضها البعض وتساعد في ردع الآفات. على سبيل المثال؛ يمكن أن تساعد زراعة الريحان بالقرب من الطماطم في صد ديدان الطماطم.

4. استخدم الطرق العضوية: استخدم الأسمدة العضوية وطرق مكافحة الآفات لتجنب المواد الكيميائية الضارة في حديقتك. تعتبر الديدان من الأسمدة الطبيعية الرائعة، بينما يمكن أن يساعد زيت النيم وبخاخات الصابون في السيطرة على الآفات.

5. تجميع مياه الأمطار: يمكن أن يساعدك تجميع مياه الأمطار في برميل أو حاوية أخرى في الحفاظ على المياه وتقليل فاتورة المياه. استخدم المياه المجمعة لري نباتاتك.

6. استخدم المساحة العمودية: إذا كانت لديك مساحة محدودة، ففكر في استخدام تقنيات الزراعة العمودية مثل التعريشة أو السلال المعلقة أو الغراس المثبت على الحائط.

7. إعادة التدوير وإعادة الاستخدام: استخدم المواد المعاد تدويرها مثل الحاويات القديمة، المنصات، أو حتى الإطارات القديمة، لإنشاء أحواض المزرعة. هذا يساعد على تقليل الفاقد وتوفير المال.

8. انضم إلى مزرعة المجتمع المحلي: إذا لم يكن لديك مساحة لمزرعة حضرية في المنزل، ففكر في الانضمام إلى مزرعة الحي أو المنطقة. يمكن أن تكون هذه طريقة رائعة للتواصل مع المزارعين الآخرين والتعلم من تجربتهم.

ومع ذلك، فإن الزراعة الحضرية المستدامة ليست حلاً سحرياً لجميع التحديات البيئية الحضرية. من المهم أن ندرك أن المزارع الحضرية وحدها لا تستطيع معالجة القضايا الأساسية؛ مثل الوصول إلى الغذاء الصحي أو العدالة البيئية. ولكن رغم هذا، ينبغي النظر إلى الزراعة الحضرية المستدامة على أنها جزء من حركة أكبر نحو بيئات حضرية أكثر استدامة وإنصافًا.

تعتبر الزراعة الحضرية المستدامة ممارسة قيمة يمكن أن تعزز الأمن الغذائي والتنوع البيولوجي والعيش المستدام في المناطق الحضرية. ورغم التحديات التي ستواجهك إن قررت يوماً تبني هذه الفكرة البيئية، فإننا نأمل أنك باتباع هذه النصائح والتقنيات التي وردت في المقال، يمكنك إنشاء مزرعة حضرية مستدامة توفر منتجات طازجة وصحية مع تقليل تأثيرك على البيئة، وتكون بهذا قد ساهمت بشكل شخصي وبصورة مثالية في تحقيق المشروع الإماراتي بجعلها الدولة الرائدة في التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة والتقليل من الأضرار التي تؤثر بشكل كبير في التغير المناخي.